Page 7 - منصف-الوهايبي
P. 7

‫ما ال ّشعر ؟‬

  ‫بل هل ث ّمة ف ّن اسمه « ال ّشعر» ؟‬

‫منصف الوهايبي‬

‫أقول من موقع الذي تأخذه ال ّريبة في الأشياء لا تم ّلصا من‬
‫مسؤول ّية موقف يقفه؛ وإ ّنما حرصا على ألاّ يقف في مزلق فلا يقف‬
‫الب ّتة‪ ،‬ولا من موقع الذي ملك عليه سلطان اليقين مداخ َل فكره‬
‫فيس ّدها في وجه ك ّل وجيه يج ّد‪ ،‬وقد لا يكون ث ّمة ما هو أكثر رفضا‬
‫لوجاهة المستحدث من المعرفة‪ ،‬من فكر يأسر نفسه وراء أسوار‬
‫الك ّل ّي من المفاهيم؛ أقول إذن من الموقع الأ ّول لا من ال ّثاني‪ :‬إ ّن‬
‫القصائد جميعها‪ ،‬بما فيها تلك التي ستقال في مستقبل الأزمنة‪،‬‬
‫وتلك التي هي في طور القول‪ ،‬فضلا عن تلك التي قيلت‪ ،‬لا تعدو‬
‫أن تكون قصائد‪ ،‬بل قصائد فحسب‪ .‬وما كان لنا أن أجزم منذ البدء‬
‫بكون القصيدة لا تتع ّدى كونها قصيدة‪ ،‬إلاّ لأ ّنني آنس في نفسي‬
‫انجذابا إلى أفق فلسف ّي لا ينكر وجود الك ّل ّي‪ ،‬ولا ينكر وجود مفهوم‬
‫ك ّل ّي للأشياء‪ ،‬ولا ينكر ح ّدا ك ّليا لجنس أو لنوع من الأشياء ؛ لكنّه‬
‫ينكر أن يكون هذا الك ّلي‪ ،‬مفهوما كان أو جنسا‪ ،‬وجودا قبل ّيا على‬
‫غراره توجد بعد ّيا الأشياء المنسوبة إليه‪ .‬وإذا كان لهذا الك ّل ّي أن‬
‫يوجد‪ ،‬ف َل ُه أن يوجد من جهة كونه مؤ ّملا ب ْع ُد؛ أي من جهة كونه‬
‫رهان الأشياء تختبر كينون َتها الفعل ّية على مح ّكه عساها تدركه‪.‬‬
‫وماهي بمدركته ما دامت تجري في أفق من الوجود مفتوح أبدا‪.‬‬

 ‫‪7‬‬
   2   3   4   5   6   7   8   9   10   11   12