Page 10 - منصف-الوهايبي
P. 10

‫بمثل هذا الفضاء المعرف ّي من قول بالنّسق ّية التي يمكن حصرها‪،‬‬
‫في سياق محاولاتي الشعر ّية ضمن مقولة «ديوان الشعر العربي»‪.‬‬
‫فمهما تباعدت المسافات بين القصائد‪ ،‬وتف ّرقت الأذواق بال ّشعراء‪،‬‬
‫وتنازع النّ ّقاد من الأحكام‪ ،‬فالأمر يتع ّلق بقصائد هي لا ب ّد آيلة إلى‬
‫هذا الديوا ن؛ أي النّسق الذي يستوعب المخت ِلف داخله ليبقى نسقا‪.‬‬

‫والأرجح أ ّن الذين يتع ّجلون تحديد المفهوم بما هو الح ّد الك ّل ّي‬
‫لل ّظاهرة المدروسة أو للموضوع المتنَا َول‪ ،‬إ ّنما هم واقعون تحت‬
‫خلط بين دلالة «المصطلح» ودلالة «المفهوم»‪ .‬أ ّما ال ّثانية‪ ،‬وقد‬
‫أشرت إليها سلفا؛ فلا يفوتني أن أضيف إلى إشارتي أ ّنها من عمل‬

‫الفكر عا ّمة‪ ،‬أو عمل الفكر الفلسف ّي حصرا‪ .‬وأ ّما قرينتها فمن عمل‬
‫ال ّتواضع الجمع ّي بما يعنيه ذلك من بعض الاعتباط قليلا كان أو‬
‫كثيرا‪ .‬أي أ ّن ما نصطلح عليه شعرا لا نصطلح عليه كذلك ؛لأ ّننا‬
‫خبرنا ماهية ال ّشعر أو لأ ّننا وقفنا على حقيقته‪ ،‬وإ ّنما لأ ّننا «ن ْحدس»‬
‫في ما بيننا خصائص للخطاب ال ّشعر ّي تم ّيزه عن أ ّي خطاب آخر‪.‬‬
‫وقد لا تخفى النّزعة الاسمان ّية التي ُتسند الاعتقاد في المصطلح‬
‫من حيث هي تفيد الميل إلى إحلال الاسم مح ّل الحقيقة‪ ،‬أو تفيد؛‬
‫بتحديد أد ّق‪ ،‬كون حقيقة ال ّشيء اسمه‪ .‬ولا يغريني أن أتو ّسع في‬
‫هذه المسألة‪ ،‬في ح ّيز محدود كهذا‪ ،‬وإ ّنما أكتفي بالإشارة إلى أ ّن‬
‫المصطلح في عمومه‪ ،‬بما في ذلك مصطلح ال ّشعر‪ ،‬إ ّنما هو حاصل‬

‫سلطان متأ ّت من خارج موضوع المصطلح‪ .‬وق ْس ذلك على‬
‫ال ّشع ِر ت َر الذين يصطلحون على ح ّده يصدرون في اصطلاحهم عن‬
‫مؤ ّسسات من خارج دائرة ال ّشعر؛ بعضها يتقاطع مع هذه ال ّدائرة‬
‫بشكل أو بآخر‪ ،‬ونعني بذلك مؤ ّسسة النّقد‪ ،‬وبعضها يتخارج‬
‫عنها ولكنّه لا ينف ّك يتد ّخل في تحديدها‪ ،‬ونعني بذلك كثيرا من‬

                                                                             ‫‪10‬‬
   5   6   7   8   9   10   11   12   13   14   15