Page 9 - منصف-الوهايبي
P. 9

‫القصائد التي قيلت والتي تقال‪ .‬وهذا افتراض مردود على صاحبه‪،‬‬
‫فلا أحد قد أحاط فعلا بك ّل القصائد‪ .‬بل على فرض أ ّنه قد اهتدى‬
‫إلى المشترك بين ك ّل القصائد التي قيلت والتي تقال في لسان واحد‬
‫فقط‪ .‬وهذا افتراض مردود أيضا وإن كان معقودا على صعوبة أق ّل؛‬
‫إذ لا أحد بوسعه أيضا أن ي ّطلع على ك ّل قصائد لسان من الألسن‪.‬‬
‫بل على فرض أ ّنه قد اهتدى إلى ما تجتمع عليه القصائ ُد التي ا ّطلع‬
‫عليها‪ ،‬ح ّتى وإن كانت محدودة العدد‪ .‬وهذا فرض مردود كذلك؛‬
‫إذ ليس ث ّمة ما يضمن توافق القصائد التي س ُتقال في مستقبل الأزمنة‪،‬‬
‫وما يفترض من ُم ْش َتر ٍك ت ّم الاهتداء إليه في ضوء ما قيل من قصائد‪.‬‬
‫يبدو أ ّن «الفضاء المعرف ّي‪ ،‬وما ينح ُت له بع ُض أه ِل الفلسف ِة‬
‫نح ًتا بال ّتعريب‪ ،‬مقولة «أبستيم ْي» وأعني ذاك الذي يت ّم ضمنه ال ّتع ّلق‬
‫بإمكان مفهوم ك ّل ّي لل ّشعر‪ ،‬فضاء منش ّد إلى سقف «النّسق»‪ .‬ولع ّله‬
‫يتع ّين عل ّي ح ّتى أخ ّفف من غلواء هذا ال ّتكثيف المفهوم ّي‪ ،‬أن نب ّين‬
‫كون المقصود بـ»الفضاء المعرف ّي» جملة الإجراءات المفهوم ّية‬
‫والمنهج ّية التي تسم نشاطا معرف ّيا‪ ،‬بل ح ّتى أنشطة معرف ّية مختلفة‬
‫الأغراض متباينة ال ّرهانات‪ .‬وأ ّما مقولة النّسق فتدور على ك ّل خطاب‬
‫معرف ّي‪ ،‬سواء تع ّلق بممارسة فكر ّي ًة نظر ّية مج ّردة أو بممارسة فكر ّية‬
‫إجرائ ّية عمل ّي ًة‪ ،‬حيث تلتقي خواتيمه ببواديه‪ ،‬وحيث ك ّل جزئ ّية فيه‬
‫معقودة على إمكان الالتقاء بأ ّية جزئ ّية أخرى مهما تكن المسافة‬
‫التي تباعد بينهما في الخطاب‪ .‬تبدو هذه الأبستيمي إذن سندا لمن‬
‫يأمل في وجود مفهوم ك ّل ّي لل ّشعر‪ ،‬باعتبارها فضاء معرف ّيا ُتس َت ُّن فيه‬
‫القواعد التي تج ّمع المختلف من ال ّظواهر (القصائد) تحت معايير‬
‫توسم بالنّقد ّية ح ّتى وإن كانت أحكاما مر ّكبة من أطراف بعضها‬
‫واهي ال ّصلة بال ّشعر ّية أو هو معدومها‪ .‬وذلك لما يتبع الإقرار‬

 ‫‪9‬‬
   4   5   6   7   8   9   10   11   12   13   14