Page 119 - منصف-الوهايبي
P. 119
Béatrice Bonhommeأ ّن ال ّتقارب بين صفحة ولوحة واحد من
خصائص الحداثة تعود إلى لوحات باريس ّية لبودلير .وخلاصة
ذلك أ ّن ال ّر ّسام ليس خصما لل ّشاعر بل هو قرينه ،وكثير من ال ّشعراء
يعقدون علاقات مع ر ّسامين أو ن ّحاتين ح ّتى أ ّن بيتور Butorيذهب
إلى ح ّد القول «أنا أيضا ر ّسام» .لكن لا نذهب في تجربة منصف
إلى هذا الح ّد في ال ّتعامل مع ال ّصفحة؛ فالإحالة إلى مفردات ال ّرسم
من ألوان وأضواء وظلال تتواشج في ما بينها أو يسقط بعضها على
بعض تكاد لا تغيب عن مدينة من مدنه أو بيت من بيوته..
***
خلاصة ما تنتهي إليه هذه الورقة ،في حدودها ،أ ّن المكان
ال ّشعر ّي ،في ن ّصه ،ولئن كان قرانا بين ال ّصورة والإيقاع ح ّتى أ ّنه قد
يجوز لنا أن نستحضر ،هاهنا« ،جمنازي» « »gymnasteفرنسيس
بونج الذي يذ ّكرنا كيف يجبر ال ّشاعر الكلمة على أن تقوم بتمارين
جذب وتم ّطط ح ّتى تحوز مكانها في البيت ال ّشعر ّي ،فإ ّنه ،هذا
المكان ال ّشعر ّي اختراع موصول ،يتراوح بين ضروب من الأمكنة،
منها ما يناسبه مصطلح أدب ّي شائع في النّقد الأدب ّي الغرب ّي :المكان
النّزه )lieu amène( locus amoenus؛ ومنها مكان ال ّذاكرة؛
ومنها المكان الخطأ على نحو تختزل ذلك قصيدته برشلونة على
الأطلسي(((:
في ال ّطريق إلى برشلونة،
أدرك ُت بعد فوات الأوان
((( منصف الوهايبي ،ديوان الوهايبي ،دار مح ّمد علي للنّشر ،2010 ،ص.
.449
119