Page 25 - منصف-الوهايبي
P. 25

‫بسبب من كل هذا أدان أليوت «قراءة الترام أو القطار»‪ ‬وهي‬
‫القراءة العجلى التي لا يمكن أن تحيط بالقصيدة الحديثة وتكشف‬
‫عن غامض صورها ورموزها داعيا إلى ضرب آخر من القراءة يمكن‬
‫أن نس ّميه «القراءة المتأ ّملة» وهي القراءة التي تستغرق‪ ،‬كما أشار‬

                         ‫أليوت‪ ،‬وقتا طويلا من النظر والتد ّبر‪.‬‬

‫أما الخصيصة الثانية لحداثة الوهايبي فتتمثل في الحوار الذي‬
‫عقده مع التراث العربي عامة ومع القصيدة القديمة على وجه‬

                                               ‫الخصوص‪.‬‬

‫لا شك في أن حماسة الوهايبي لقصيدة التفعيلة كبيرة‪..‬فهي‪ ،‬في‬
‫نظره القصيدة‪ ،‬التي تقول زمنها وتكشف عن لحظتها التاريخ ّية‪..‬‬
‫لك ّن ذلك لا يعني أن الشاعر تن ّكر للتراث الشعري أو ه ّون من‬
‫شأنه‪..‬فالوهايبي على حماسته للقصيدة الحديثة مفتون بالقصيدة‬
‫القديمة‪ ،،‬ما فتئ يقبل على دراستها‪..‬وك ّل من يعود إلى مجاميعه‬

                   ‫يلحظ آثار هذه القصيدة تتلامح في قصائده‪.‬‬

‫إ ّن عودة الوهايبي‪ ‬إلى التراث‪،‬هي عودة‪ ،‬في المقام الأ ّول‪ ،‬إلى‬
‫الأصوات التي تختزن قدرة على التح ّول وال ّديمومة والامتداد ‪ .‬أي‬
‫إ ّنها عودة إلى ال ّتراث بمعناه الكيان ّي لا بمعناه ال ّتاريخ ّي‪ ،‬على ح ّد‬
‫عبارة أدونيس‪ ،‬من أجل عقد أواصر جديدة معه‪ .‬وهذه الاواصر‬
‫تقوم أساسا على جدل ينعقد بين الطرفين ‪.‬فالعلاقة بين الوهايبي‬
‫والتراث تنطلق أساسا من موقف الحوار‪ ،‬من موقع سائل ومسؤول‬
‫يتبادلان أدوار ال ّسؤال والجواب‪ .‬وهذا الحوار من شأنه أن يفضي‬
‫إلى إغناء خطاب التراث وخطاب الشاعر في آن‪.‬فمع ك ّل قراءة‬
‫جديدة يتج ّدد الن ُّص القدي ُم‪ ،‬تتس ُع ذاكر ُت ُه ال ّرمز ّية‪ ،‬يكتسب أبعادا‬

 ‫‪25‬‬
   20   21   22   23   24   25   26   27   28   29   30