Page 22 - منصف-الوهايبي
P. 22
لا شك في أن شعر الوهايبي ينطوي على الكثير من العناصر
التي تجعل منه خطابا مختلفا ،تتجلى من خلاله الذات الكاتبة،
محملة بأساطيرها واحلامها ورؤاها..
ولعل أهم هذه العناصر وأولاها بالاهتمام تح ّول البناء،بناء
القصيدة،إلى محور من محاور الكتابة.
إ ّن مفهوم «البناء» «أصبح يم ّثل ،لدى الوهايبي ،هاجسا من
هواجس الكتابة الشعر ّية .فالوهايبي أصبح يع ّول على الفكر في
تشكيل القصيدة ،وصوغ بنائها .فمنذ ،مجموعته الأولى ،خرج من
بساطة التجربة الغنائية التي تهيب ،في الأغلب الأع ّم ،ببناء جاهز،
وجنح إلى كتابة قصيدة جديدة تحفر ك ّل م ّرة شكلها كما يحفر النّهر
مجراه.
من المؤكد أ ّن هذا التص ّور لفعل الكتابة يجعل القصيدة أفقا
مفتوحا على ش ّتى الأجناس الأدب ّية والألوان الفن ّية ،فيها تتداخل
أصناف من الفنون السردية لتشيد ك ّل َها هذا البناء وفق نظرة جديدة لا
تلقي بالا للحدود من الأجناس والأنواع .من هنا كان تواتر تقنيات
فن ّية في القصيدة ال ّدرام ّية تؤول إذا تأ ّملناها إلى فنون أخرى ،من
بين هذه التقنيات الحوار ،والحوار ال ّداخلي ،وتع ّدد الأصوات،
ومنها الإهابة بالتعبير القصص ّي الذي يش ّد إليه ك ّل حركات القصيدة
وعناصرها ،ومنها المزج بين ال ّسكون والحركة وال ّصمت والكلام،
والبياض وال ّسواد.
ك ّل هذه التقنيات جعلت ن ّص الوهايبي لا يقتصر على ال ّصور
الفنّ ّية التقليد ّية ،في بناء خطابه .بل أصبح قيمة تشكيل ّية مر ّكبه لا
ترى إلا متقاطعة الخيوط ،متداخلة العناصر.
22