Page 14 - منصف-الوهايبي
P. 14

‫وهذا الإيقاع‪/‬الخطاب مهما يكن تف ّرده‪ ،‬ليس ثمرة عقل خا ّص‬
‫أو نفس خا ّصة فحسب‪ ،‬وإ ّنما هو ثمرة نصوص وخطابات أخرى‬
‫أيضا تتح ّدر إليه من أكثر من صوب‪ ،‬وتتر ّدد في جوانبه مجهورة‬
‫حينا‪ ،‬مهموسة حينا‪ ،‬م ّما يراكم خطابا فوق خطاب‪ ،‬وإيقاعا على‬
‫إيقاع؛ أي هو ثمرة لغته الأ ّم أساسا مثلما هو ثمرة المؤ ّثرات التي‬

                                            ‫أل ّمت بالشاعر‪.‬‬

‫إ ّن التجربة الشعر ّية لا تنفصل عن تجربة الحياة‪ ،‬وما نع ّده شعرا‪،‬‬
‫إ ّنما هو تحويل شكل لغو ّي إلى شكل من أشكال الحياة‪ ،‬وتحويل‬
‫شكل من أشكال الحياة إلى شكل لغو ّي‪ .‬واللغة في السياق الذي‬
‫نحن به هي العرب ّية‪ .‬على أ ّن الشعر المكتوب بها في المغرب‬
‫العربي‪ ،‬قد يكون موسوما في كثير أو قليل منه‪ ،‬بمؤ ّثرات اللغات‬
‫الأجنب ّية وأظهرها الفرنس ّية؛ فث ّمة «تع ّدد ّية» لغو ّية في ح ّيز العرب ّية‬

                                                    ‫نفسها‪.‬‬
‫وأق ّدر أ ّننا في سياق كهذا يمكن أن نتق ّصى حالة لغتنا‪ /‬لغاتِنا أو‬
‫«عرب ّياتنا» زمان ّيا ومكان ّيا في المشهد العالمي أي وهي مترجمة؛ دون‬
‫وجل أو ته ّيب‪ ،‬بحثا في نشأة الكلمة وتط ّورها‪ ،‬وفي أوجه العلاقات‬
‫المعقودة بين العلامة والمدلول‪ ،‬وبين العلامة ومستعمليها‪ ،‬وبين‬
‫العلامات بعضها ببعض‪ ،‬وما هو راجع إلى التداخل اللغوي أو‬

                  ‫مؤ ّثرات اللغات الأجنب ّية واللهجات المحل ّية‪.‬‬

‫وهو مظهر م ّما نس ّميه «شعر ّية اللغة» إذ ترد الكلمة في سياق من‬
‫التح ّول الأدبي‪ ،‬هو في جانب منه‪ ،‬من تح ّول ال ّلغة ال ّداخل ّي حيث‬
‫«لأًصل» لا يوجد لذاته أو بذاته‪ ،‬بل هو ليس سابق الوجود فهو جزء‬
‫من كلمات مختلفة تدور في ح ّيزه بوساطة المص ّوتات التي تضفي‬

                                                                             ‫‪14‬‬
   9   10   11   12   13   14   15   16   17   18   19