Page 108 - منصف-الوهايبي
P. 108

‫إلاّأ ّنهذهالورقةلايمكنهاأنتستوفيأماكنك ّلمد ّونتهال ّشعر ّية؛‬
‫وإ ّنما حسبها أن تنتخب منها نماذج انتخاب ال ّذائقة الشخص ّية لا‬
‫انتخاب المنهج‪ .‬ولع ّل في ذلك ما يقوم مقام ال ّتنويه ببراديغم ممكن‬

          ‫لقراءة تجربته ال ّشعر ّية‪ ،‬ألا وهو براديغم ال ّطوبونيميا(((‪.‬‬

                         ‫***‬

‫ث ّمة مصادرة يمكن أن ننطلق منها مفادها أ ّن مكان ال ّشعر هو‬
‫مكان الأصل‪ ،‬ذلك أ ّن ال ّشعر يشتغل‪ ،‬في ظاهره‪ ،‬على أ ّنه تذ ّكر‪.‬‬
‫ومن َث ّم كان يلامس أسطورة الأصل‪ ،‬أعني ال ّسرد ّية العائل ّية‪ .‬وهذه‬

    ‫المعادلة حاضرة باستمرار‪ ،‬وغن بتفاوت‪ ،‬في قصائد منصف‪:‬‬
    ‫في مسكلياني بلاد الماء حيث ولد ُت‪ ،‬لا صا ٍر أف ّك حبال ُه‪،‬‬

    ‫لا ُفل َك أصنعها وأركبها‪ ،‬ولا بحر ولا مرسى‪ .‬وليس هناك‬

 ‫مجذاف من الم ّطاط في القدمين أمشي كالمسيح على الماء به‬
     ‫وأجري‪ ،‬أو أح ّلق في سبا ِق زوار ٍق‪ ،‬أو برزخ من ض ّفتي ِن‪.‬‬

                                               ‫(‪.((()...‬‬

‫ث ّمة إذن مكان أو أمكنة مرجع ّية ُتضبط تخومها بشعر ّية تعتمد‪،‬‬
‫في جانب كبير منها‪ ،‬قاعدة من ال ّسيرة الذات ّية مرتبطة بأشياء أو‬
‫بوضع ّيات أو بأشخاص ينضوون إلى حياته‪ .‬على أ ّنه‪ ،‬وفي الوقت‬
‫نفسه‪ ،‬يتح ّول هذا الفضاء المرجع ّي إلى فضاء خيال ّي‪ ،‬فال ّشعر‬
‫يجتهد في إعادة تشكيل هذه الأماكن‪-‬المراجع دون محوها‪ ،‬أي‬
‫يتو ّلى تحويلها؛ وذلك واحد من شروط إمكانه‪ ،‬فكأ ّنما ال ّشعر‬

      ‫((( لا ب ّد من ال ّتنويه‪ ،‬هاهنا‪ ،‬أ ّن المغرب ّي‪ ...‬قد اشتغل على المكان‪....‬‬
‫((( منصف الوهايبي‪ ،‬بالكأس ما قبل الأخيرة‪ ،‬مسكلياني‪ ،2019 ،‬ص‪.9-7 .‬‬

                                                                           ‫‪108‬‬
   103   104   105   106   107   108   109   110   111   112   113