Page 17 - منصف-الوهايبي
P. 17
المغامرة إلى مغامرة الكتابة حيث المبادرة للغة .وكأ ّن الشاعر يكتب
ليستر ويخفي ،لا ليفصح ويعرب .ولا أظ ّن أ ّن هناك من يماري في
أ ّن الكتابة عمل نوع ّي مثلها مثل القراءة المحكومة هي أيضا بسياق
نوع ّي.
والحداثة ليست معيار ّية تنهض على قواعد تستتبع الحكم
بالصواب أو الخطأ ،وإنما على قوانين وأحكام عا ّمة .والقانون
ر ْهن بمدى استيعابه للكل ّي والجزئي معا ،فإذا ما تدافعا في موضوع
ما ّدته الشعر أو الف ّن؛ وهما كثيرا ما يتدافعان ،استدعى الأمر إعادة
نظر في كفاية القانون .وللحداثة الأدب ّية في الغرب قوانين غير تلك
التي تجري عليها الحداثة الأدب ّية في ثقافتنا ،فالأولى إ ّنما نشأت
في المدينة الغرب ّية الضخمة بمؤ ّسساتها ومشاريعها الكبرى التي
تستلب الفرد أو تح ّوله إلى مج ّرد أداة من أدواتها ورقم من أرقامها.
على حين أن الحداثة الأدب ّية في ثقافتنا ،حالة جزئ ّية أو هي ،في
تقديرنا ،تج ّل في جانب كبير منها ،لحداثة الآخر ذات الطابع الك ّلي
الشمولي .هي «حداثة» تتناسل من حداثة ،وليس من المدينة أو من
المعيش بالمعنى الحصري الدقيق للكلمة.
وفضلا ع ّما تقدم فإ ّن الحداثة الشعر ّية المغارب ّية انخرطت
في بداياتها ،ور ّبما إلى حدود السبعينات ،أو بعدها بقليل في
مسار المشاريع الوحدان ّية الكبرى (المشروع القومي والمشروع
الاشتراكي مثلا) ،وقد باءا بالفشل؛ قبل أن تنكفئ إلى ضروب من
السريالية أو الدادائية أو العدم ّية «النهلست ّية» واللامعقول .وهي
مذاهب تو ّلدت من الانطباع ّية التي يع ّدها البعض جوهر النظر ّية
17