Page 53 - منصف-الوهايبي
P. 53

‫بالسياسة والحرب‪ .‬وقد تنطوي الحكاية على التبشير بانبعاث‬
‫الشاعر النب ّي‪ ،‬وقد تحيل على غير هذه المعاني‪ .‬ومهما يكن من‬
‫أمر‪ ،‬فإ ّن الأليغوريا في هذه القصيدة منفتحة على التأويل وهي تتو ّفر‬
‫على نسبة من الغموض توافق طبيعة الشعر ّية في القصيدة الحديثة‪.‬‬

‫ولقد اقترن نزوع الوهايبي إلى استثمار الطاقة التخييل ّية للسرد‬
‫بانفتاح ن ّصه الشعر ّي على الأشكال السرد ّية التراث ّية وكتب الحيوان‬
‫والأخبار والتاريخ‪ .‬وهو ما أسهم في تمييز ن ّصه الشعر ّي وتوسيع‬
‫معجمه وتنويعه‪ .‬وفي دواوينه المتأ ّخرة أقبل الوهايبي على استثمار‬
‫ما رسب من أسفاره العديدة من انطباعات عن الأمكنة والمدن وما‬
‫ق ّر في ذاكرته من علاقاته الواسعة بالشعراء المعاصرين م ّما يتصل‬
‫بكتاباتهم وسيرهم مثلما أقبل على استثمار الفنون السرد ّية الحديثة‪.‬‬
‫ففي ديوانه «أشياء الس ّيدة التي نسيت أن تكبر» يصدر في قصيدته‬
‫«بنجامان بوتون في حصوة ملح «((( عن المحتوى السرد ّي لشريط‬
‫سينمائ ّي لديفيد فنشر بعنوان «حكاية بنجامان بوتون الغريبة»‪.‬‬
‫والفيلم مأخوذ من ق ّصة لسكوت فيتجرالد تعود إلى سنة ‪.1922‬‬
‫غير أ ّن إهداء القصيدة «إلى أ ّنا بلانديانا» وهي شاعرة رومان ّية يؤ ّكد‬
‫م ّرة أخرى تع ّقد ظاهرة التنا ّص في شعر الوهايبي وتع ّدد مصادر‬
‫الن ّص الواحد بل الما ّدة السرد ّية الواحدة‪ .‬وفي قصيدته «لو أ ّن‬
‫مسافرا في ليلة شتو ّية»((( يستحضر رواية للكاتب الإيطالي إيطالو‬
‫كافينو بالعنوان نفسه‪ .‬وينظر في قصيدته «أ ّنا ليفيا بلورابيل»((( إلى‬
‫مغتسلة أبي نواس وبطلة رواية جيمس جويس «يقظة آل فيتيغان»‬

                                        ‫((( ديوان الوهايبي‪ ،‬ص‪446 .‬‬
                                                 ‫((( م‪ .‬ن‪ .‬ص‪458 .‬‬
                                                ‫((( م‪ .‬ن‪ ،.‬ص‪456 .‬‬

 ‫‪53‬‬
   48   49   50   51   52   53   54   55   56   57   58