Page 54 - منصف-الوهايبي
P. 54
في آن .وفي قصيدته «مثل عجوز بيتر بيخ ّسل تقريبا»((( يو ّظف ق ّصة
«المائدة هي المائدة» للكاتب السويسري بيتر بيخ ّسل .وفيها تق ّرر
الذات المتل ّفظة وقد تب ّرمت بسطوة العادة وثبات الأشياء على حالها
أن تعيد تسميتها عسى العالم يتغ ّير« :قلت إذن أب ّدل هذه الأسماء،
ألعب لعبتي الأولى :كأن أدعوك يا مذياع...صنبوري ويا مرآة..
كرس ّيي ويا ألبوم..مرآتي ويا س ّجاد ..دولابي..ويا دولاب أنت
حديقتي ( )...ورحت أب ّدل الأسماء أسمائي .»..أليس هذا اللعب
بالدوا ّل وإفراغها من مدلولاتها التي ث ّبتتها اللغة والألفة وشحنها
بمدلولات ذات ّية هي لعبة الشاعر الذي أوقف التخييل السرد ّي في
هذه القصيدة على خدمة الهاجس اللغو ّي.فلا انفصام في كتابة
المنصف الوهايبي بين شعر ّية ال ّدال المحتفية بجمال ّية الكلمة
وشعر ّية المدلول المتأ ّتية من تسريد الشعر بل لع ّله كثيرا ما ينزع إلى
الجمع بينهما.
وبالإمكان القول إ ّن الوهايبي يأخذ بطرف من الشعر ّيتين:
شعر ّية اللغة وشعر ّية التخييل ،ويؤ ّلف بينهما على تباينهما ،إذ تنزع
الأولى إلى إقصاء المعنى في حين لا يسع الأخرى أن تتج ّرد من
الجوهر الدلال ّي الملازم لك ّل حكاية .وبغ ّض النظر عن دلالة هذه
الظاهرة الجديرة بالتأ ّمل ،فإ ّن لهذا التشابك بين النزعتين مردوده
الإيجابي على شعر الوهايبي ،فح ّتى عندما يبنيه على السرد تحتفظ
لغته برونقها وبنسبة من كثافتها ،وهو ما جنّبه مزالق قد يؤ ّدي إليها
تسريد الشعر.
((( م .ن ،.ص443 .
54