Page 58 - منصف-الوهايبي
P. 58

‫الريف والحقول والهواء النق ّي والانطلاق(((‪ ،‬وهو حال أدونيس‬
‫وحميد سعيد وغيرهما وفق ما انتهى إليه إحسان ع ّباس‪ .‬فمواقف‬
‫ال ّشعراء المعاصرين من المدينة متفاوتة مرتهنة بال ّتناقض وال ّصراع‬
‫مع صورة ال ّريف متع ّددة الحالات مع تع ّدد ال ّشعراء واختلاف‬
‫مراحل تجاربهم وتن ّوع قصائدهم‪ ،‬فهي صورة محكومة بثنائ ّية‬
‫ال ّتماثل وال ّتغاير وبملامح المكان والذات والهو ّية وبرؤية حضار ّية‬
‫جمال ّية فنّية‪ ،‬فقراءة المدينة لل ّشعر المعاصر‪ ،‬لاس ّيما في شعر‬
‫منصف الوهايبي محكومة بتح ّولات ال ّدلالة وبلاغة المجاز ورهان‬

                                                   ‫الإنشاء‪.‬‬

‫والأفق في هذه المقاربة هو البحث في كيف ّية اشتغال تخييل‬
‫المدينة ملتبسة بالذات‪ ،‬حتى أ ّن إنشائ ّية الذات تستحيل حرك ًة لها‬
‫في قصيدة المدينة‪ ،‬في مدائن الشعر‪ ،‬وتتب ّدى في تش ّكلات المعنى‬
‫إيقاعا لنسق في الكتابة تكون المدينة فيه جوهر حدثان الإنشاء‪ ،‬فلا‬
‫تكون المدينة في القصيدة فضلة لاحقة بالتش ّكل الشعري‪ ،‬وإ ّنما‬

                          ‫تكون رهانا لا تتح ّقق الشعرية إلا به‪.‬‬

‫ول ّما كانت كتابة المدينة في شعر منصف الوهايبي رهانا مركز ّيا‬
‫وقولا يع ّد من سمات إنشائ ّية قصيدته‪ ،‬ول ّما كانت مدونة شعره‬
‫محتفية بالمدينة في كتب شعر ّية كثيرة‪ ،‬اخترنا البحث في ثلاثة‬
‫نصوص من «ديوان منصف الوهايبي» وهي «بديل المدينة الأولى‪:‬‬
‫عند أبواب القيروان» وبديل المدينة الثانية‪ :‬تلك فاس‪ »..‬و«بديل‬

                                     ‫المدينة الثالثة‪ :‬صنعاء»‪.‬‬

                                           ‫((( المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.97‬‬

                                                                             ‫‪58‬‬
   53   54   55   56   57   58   59   60   61   62   63