Page 59 - منصف-الوهايبي
P. 59

‫يرى جيرار جينيت في كتابه «التخييل والقول أ ّن «الن ّص المتخ ّيل‬
‫لا يقود إلى أ ّية حقيقة خارجة عنه‪ ،‬وك ّل ما يستعيره من الواقع‬
‫(وهذا يقع استمرار) يتح ّول إلى عنصر متخ ّيل‪ ،‬ن ّص متخ ّيل بطريقة‬
‫لا يحتاج إلى ما هو خارج عنه‪ ،‬لا لأ ّن أقواله ُتدرك بصفتها غير‬
‫ملموسة‪ ،‬وإ ّنما لأ ّن الكائنات والشخص ّيات التي تنطبق عليها‪ ،‬ليس‬
‫لها وجود خارج ذاتها وخارج الأقوال‪ ،‬وهي تحيلنا إلى دائرة مغلقة‬
‫لا ح ّد لها»(((‪ ،‬واستنادا إلى جوهر هذا القول وما فيه من تضافر بين‬
‫صورة المدينة ورهان التخييل‪ ،‬نقسم هذه القراءة إلى ثلاثة أقسام‪،‬‬
‫أ ّولها «مجاز الأبواب وفتنة المدينة‪ ،‬وثانيها مجاز القرووين وفتنة‬

    ‫الصدى‪ ،‬وثالثها مجاز البيت القديم وفتنة أجراس الصلصال‪:‬‬

‫‪ - 1‬مجاز الأبواب وفتنة المدينة‪ ،‬أو «بديل المدينة‬
                          ‫الأولى‪ :‬عند أبواب القيروان»‬

‫جاء عنوان القصيدة مر ّكبا قائما على جزأين يف ّسر الثاني الأ ّول‪،‬‬
‫فالنّاظر يتب ّين تماثلا تركيب ّيا يتب ّدى في تركيب الإضافة‪ ،‬ولع ّل‬
‫الإشارة إلى المدينة وجعلها في المقام الأ ّول تجلو وجها من وجوه‬
‫توجيه المتل ّقي إلى قراءة القصيدة في علاقتها بشعر ّية المدينة عند‬
‫منصف الوهايبي من ناحية والوصل بين ثلاث قصائد متتالية في‬
‫ال ّديوان هي بديل المدينة الأولى‪ ،‬وبديل المدينة الثانية‪ ،‬وبديل‬
‫المدينة الثالثة القيروان وفاس وصنعاء‪ .‬فما الذي يجمع بين هذه‬
‫المدن ال ّثلاث؟ وكيف تنسج القصائد شعر ّيتها من خلالها؟ أ ّما‬
‫إذا تأ ّملنا الجزء الثاني من عنوان القصيدة وجدناه مرتبطا بأماكن‬

‫((( جيرار جينيت‪ ،‬التخييل والقول‪ ،‬تونس‪ ،‬ترجمة‪ :‬الصادق ق ّسومة‪ ،‬مراجعة‪:‬‬
‫محمد كمال ق ّحه‪ ،‬دار سيناترا والمركز الوطني للترجمة‪ ،‬تونس‪ ،2014ً ،‬ص‬

                                                    ‫ص ‪.155-154‬‬

 ‫‪59‬‬
   54   55   56   57   58   59   60   61   62   63   64