Page 63 - منصف-الوهايبي
P. 63
مرجع ّيتها في القصيدة ذاتها لا خارجها ،وقد ع ّمق المعنى وكشف
تش ّكل تخييل المدينة بواسطة ثنائ ّية الحلم والموت من ناحية
وبواسطة العناصر التي ُتحيل على جسد المدينة من ناحية ثانية،
وجسد الذات من ناحية ثالثة ،وهذا ما يجعلنا نستنتج أ ّن شعر ّية
المدينة في القصدة العرب ّية المعاصرة تختلف عن شعر ّيتها في
القصيدة القديمة.
يتح ّول الخطاب الشعر ّي إلى قول ثنائ ّية الظل والضوء ،و ُيسته ّل
بالاستفهام .يبني علاقة تخييل ّية للبئر ومك ّوناته المجاز ّية ،فهو
لا يتش ّكل من حجارة وماء ،وإ ّنما من ضوء وظ ّل ،وهذا ما يفتح
أفق ال ّرمز ويجعل الشعر موصولا بدلالات العمق والانفتاح على
المجهول والكشف عن معاني الحياة ،ث ّم ثنائ ّية الظ ّل وال ّلون (زرق،
أبيض) ،لاس ّيما أ ّن المعجم المو ّظف يؤ ّكد ذلك( ،ال ّضوء ،الظ ّل،
ال ّليل ،نجم ال ّصباح )...ولع ّل حضور ال ّضوء أصبغ على المقطع
بعدا شكل ّيا نستنتج منه تراسل الفنون وترافدها في ال ّشعر العربي
المعاص ،ولع ّل فعل الهبوط المنسوب إلى الذات ،موصول
بالمدينة ،يفتح أفق المعنى على حركتين تكشفان علاقة الذات
بالمكان ،حركة أفق ّية تتب ّدى في عبور المدينة ،وحركة عمود ّية
تتج ّلى في الهبوط ،فالذات والض ّوء علامتان مركز ّيتان في هذا
المقطع تش ّكلت بواسطتهما شعر ّية المدينة وجمال ّياتها.
« - 3مجاز البيت القديم وفتنة صلصلة الأجراس ،أو
«بديل المدينة الثالثة :صنعاء»
صنعاء البيت ،صنعاء البيت القديم ،بيت بالمعنى الذي كشفه
غاستون باشلار في «شعر ّية الفضاء» ،البيت الكون ،البيت الركن،
63