Page 64 - منصف-الوهايبي
P. 64
البيت الملاذ ،بيت يع ّرفنا بنا ويع ّلمنا .وقد انتقل الشاعر فيه من
استعارة البيت ،من المبهم «بي ٌت» إلى الانتماء «بي ُتنا» بضمير
المتكلم الجمع ،راسما لوحة شعر ّية من عناصر الكون ،من الطين
(بيت/حجارة /أرض) إلى النار (الشمس) إلى الماء (كان الماء)،
يكتفي منصف الوهايبي في الجزء الثاني من عنوان القصيدة باسم
المدينة (صنعاء) رم َز انتما ٍء وهو ّية وجود ،بيتا وأشجارا وشمسا
وماء «كصلصلة الأجراس» ،المدينة الكون أو المدينة الأصل
أو المدينة الركن التي تتخ ّلقها الاستعارات ،استعارة الانتماء،
واستعارة الحياة ،واستعارة الشجر ،رمزا لق ّصة الخلق الأولى،
واستعارة الماء تشيي َد حياة.
تتش ّكل صورة المدينة في الجزء الثاني من القصيدة بيتا انتما ًء
«بيتنا» و َقدامة وجود واستعارة حجر يستحيل ذاتا رائية «يتف ّرس
في السابله»((( ،حجرا يرى بعمقه القديم ،يتأمل الراهن ،يح ّدق فيه
ويمعن النظر ،لكنه حجر «بنوافذ عمياء»((( ،لا ُتبصر ،لأ ّن الراهن
ظلام وقتامة وألم ،فـهو «ظلام يتك ّوم في فجوات الحجارة»((( ،لك ّن
الممكن ُمتاح ،فـ«الأرض ممكنة لا تزال»((( .وبذلك تكون كتابة
المدينة رؤية وجود وسؤالا وحيرة ،لا مجرد وصف للفضاءات
والأمكنة.
وتتداعى الأشياء (القات ،الأحجار ،البخور ،العاج ،ريش
النعام) ،والطبيعة (الريح ،الجبال) لترسم لوحة تخترق الزمن،
((( ديوان منصف الوهايبي ،ص .97
((( المصدر نفسه.
((( م ن.
((( م ن ،صص .98-97
64