Page 81 - منصف-الوهايبي
P. 81

‫‪ -‬أشار (الحل ّاج) أن اِ ْب َق هنا يا تمبكتي (ص ‪.((()158‬‬

‫إ ّننا نجد هنا نوعا من التخ ّفي وراء هذا ال ّصوت القديم ال ّرامز إلى‬
‫التاريخ العريق وهذه تقنية في أداء القصيدة تشبه ما اصطنعه الشاعر‬
‫ال ّسوري ا ّلذي تخ ّلى عن اسمه المدني (علي أحمد سعيد) وتس ّمى‬

         ‫بكنية أسطور ّية رامزة إلى الموت فالانبعاث والخصوب ِة‪.‬‬
‫وم ّما ُيش ِرع ال ّشع َر في هذه المجموعة على زما ِن البدايات‬
‫والأمكن ِة الأولى اقتران القصائد بأسماء مدن أخرى قديمة يقع‬
‫إحياؤها وبعثها من ركام النّسيان وهذا من قبيل تاكاباس (قابس)‬
‫وروسبينا (المنستير) وهيبواكرا (بنزرت) وحضرموت (سوسة) وما‬
‫إليها وك ّل هذه الأسما ِء تعيدنا إلى أزمنة قديمة يعود بعضها إلى ما‬

             ‫قبل الفتح الإسلامي لتلك المدن والأمكنة المنس ّية‪.‬‬

                               ‫فردوس ال ّطفولة المفقود(((‬

‫ونعني به قري َة «حاجب العيون» التي ولد بها منصف الوهايبي‬
‫وق ّضى طفولته مستمتعا بحياتها الوديعة‪ .‬إ ّنها الأصل والأ ّم‪ ،‬ولطالما‬
‫تغنّى بها الك ّتاب وال ّشعراء على نحو ما كان في شعر الس ّياب ا ّلذي‬
‫خ ّصص عد ًدا من نصوصه لقريته جيكور وبعث فيها النّور(((‪ .‬لقد‬
‫م ّثلت القري ُة في ال ّرواية وفي القصيدة ملجأ آمنا وحضنا دافئا ي ّتقي‬

                    ‫((( انظر أمثلة أخرى بالصفحات ‪.220-205-157‬‬
‫((( أخذنا هذا العنوان من كتاب المكان في ال ّرواية العرب ّية‪ ،‬الصورة وال ّدلالة‪،‬‬
‫عبد ال ّصمد زايد‪ ،‬كلية الآداب منوبة ـ دار محمد علي (تونس)‪ ،‬الطبعة الأولى‬

                                                   ‫‪ ،2003‬ص ‪.347‬‬
‫((( ديوان بدر شاكر الس ّياب‪ ،‬دار العودة بيروت ‪ ،1989‬المج ّلد الأ ّول‬
‫ص‪ 411‬وانظر تصويره لانبعاثها بالصفحة الموالية‪ ،‬ولعودته إليه في قصيدة‬

                                   ‫«العودة لجيكور» ص ‪.421-420‬‬

 ‫‪81‬‬
   76   77   78   79   80   81   82   83   84   85   86