Page 32 - منصف-الوهايبي
P. 32
تلك كانت باختزال صورة المشهد الشعر ّي في تونس حين باشر
منصف الوهايبي نشر قصائده الأولى في سبعين ّيات القرن الماضي.
وسيضطلع الشاعر القيروان ّي ،مع ث ّلة من الشعراء الآخرين ،بدور
حاسم في إدراج الشعر التونسي في تح ّولات القصيدة العرب ّية
المعاصرة وذلك بالعمل على استيعاب منجزاتها الفنّ ّية واستثمارها
في إنشاء شعر ّية مخصوصة .وهو ما كان له أثره في توجيه الكتابة
الشعر ّية لدى منصف الوهايبي إلى الاشتغال باللغة والاحتفال
بجمال ّيتها في طور أ ّول ث ّم إلى النزوع إلى تسريد الشعر واستثمار
أبعاد السرد التخييل ّية في طور لاحق .ولا غرو في ذلك فالشعر
العرب ّي المعاصر ك ّله ينهل من الشعر ّيتين :شعر ّية الدال أو اللغة
وشعر ّية المدلول أو التخييل .وقد تغلب إحداهما في طور ّما أو
عند شاعر بعينه وقد يمتح آخر من كلتيهما .ولكن يظ ّل هذا التمييز
مدخلا أساس ّيا لمقاربة الممارسة الشعر ّية العرب ّية المعاصرة سواء
تع ّلق الأمر بشعر التفعيلة أو بقصيدة النثر.
ونظ ّن أ ّننا لا نجانب الصواب إذا اعتبرنا أ ّن مجموعة منصف
الوهايبي الشعر ّية البكر «ألواح» ( ((()1982تم ّثل ،في جوانبها
التي تظهر ج ّدتها و ُتجلي اختلافها عن المنجز الشعري التونسي،
ر ّد فعل على هذا النزوع الواقع ّي ،وإن لم تخلص من رواسبه التي
ظ ّلت ماثلة في قصائد مثل «يوم ّيات بورجوازي صغير»((( و«فناء»(((
و«ماسح الأحذية»((( .ولكنّها «قصائد أولى» لم يثبتها الشاعر بهذا
((( ط ،1 .تونس .1982 ،ونحيل في المقال على ديوان الوهايبي ،دار محمد
علي للنشر ،تونس2010 ،
((( ديوان الوهايبي ،ص56 .
((( م .ن ،.ص62 .
((( م .ن ،.ص63 .
32