Page 34 - منصف-الوهايبي
P. 34

‫التونسي وإدراجه في حرك ّية هذه «الثورة اللغو ّية» التي غزت‬
‫المشهد الشعري العربي ابتداء من العقد السابع من القرن الماضي‬

                                                  ‫بل قبيله‪.‬‬

‫ولو س ّلمنا للقائلين بالتنافر بين الشعر و«الواقع» وأقررنا بأ ّن‬
‫الشعر في معناه الحديث «لا يحاكي» و«لا يص ّور» و«لا يع ّبر» وا ّن‬
‫لغته لغة لازمة لا تحيل على شيء خارجها‪ ،‬لوجدنا في مجمل‬
‫منجز الوهايبي الشعري ما يغرينا بإدراجه ضمن أدنى نماذج الشعر‬
‫العربي المعاصر إلى تحقيق هذا المفهوم‪ .‬ولكنّنا ندرك ك ّل الإدراك‬
‫أ ّن هذا المفهوم لا يوافق أمرا واقعا وإ ّنما هو تص ّور نظر ّي معيار ّي‬
‫وموقف جمال ّي يرمي إلى تخليص الشعر من شوائب «الواقع»‬
‫و«الإيديولوجيا» ويتط ّلع إلى توجيه العمل ّية الإبداع ّية إلى إيلاء‬

  ‫الأه ّم ّية ك ّلها للدا ّل أي لطريقة القول بغ ّض النظر عن موضوعه‪.‬‬

‫ومهما يكن فمن المفهوم ألاّ تخلو «ألواح»‪ ،‬رغم أ ّنها ج ّسمت‬
‫منعطفا فن ّيا في الشعر التونسي وأرست أسس شعر ّية اللغة في‬
‫شعر الوهايبي‪ ،‬من أثر «الواقع ّية» الذي تج ّلى بصورة خا ّصة في ما‬
‫وسمه الشاعر بـ«قصائد أولى» حيث طفت بعض المواضيع الأثيرة‬
‫في الأدب التونسي الواقع ّي في السبعين ّيات‪ .‬وإذ يحضر «ماسح‬
‫الأحذية» في شعر الوهايبي فلأ ّنه يمثل من منظار إيديولوج ّي‬

                           ‫نموذج الهامش ّي في هذا الأدب (((‪:‬‬

                                          ‫ماسح الأحذي ْه‬

                                       ‫كان فوق الرصيف‬

‫((( لشخص ّية «ماسح الأحذية» حضور لافت في الق ّصة آنذاك وللطاهر‬
‫اله ّماميقصيدة عنهرائجة‪ ،‬الحصار‪،‬الدار التونس ّية للنشر‪ ،1972،‬ص‪121 .‬‬

                                                                             ‫‪34‬‬
   29   30   31   32   33   34   35   36   37   38   39