Page 37 - منصف-الوهايبي
P. 37

‫وقد تنطبق هذه الملاحظة على سائر موا ّد شعره‪ .‬فحرص‬
‫الوهايبي على تنويع مدارات القول الشعري وتغيير النزعة المهيمنة‬
‫من مجموعة شعر ّية إلى أخرى يم ّت بصلة وثيقة إلى حرصه‬
‫على تجديد معجمه ‪.‬وهو ما أضفى على ك ّل عمل من أعماله‬
‫من الخصوص ّية ما يتم ّيز به من غيره‪.‬فإذا وسم استلهام التراث‬
‫الصوف ّي مجموعتيه «ألواح» و«من البحر تأتي الجبال» (‪،)1991‬‬
‫فإ ّن الخصيصة المهيمنة في «مخطوط تمبكتو» (‪ )1998‬ا ّتخاذ‬
‫المدن مدارا للقول الشعري واستنطاق الأمكنة بأبعادها الجغراف ّية‬
‫والمعمار ّية وخصائصها الثقاف ّية والتاريخ ّية واختبار شعر ّية الاسم‬
‫العلم‪ .‬وأ ّما في «فهرست الحيوان» (‪ )2007‬فيصغي الشاعر إلى‬
‫هذه الكائنات البكماء ويتق ّرى حكاياتها في مراياه وهو يتساءل‪»:‬ألا‬
‫يكون الحيوان ذاكرتنا الأولى المفقودة؟»(((‪.‬وهي نزعة لها أصول‬
‫في أعماله السابقة ولاس ّيما في مجموعتيه «من البحر تأتي الجبال»‬
‫و«ميتافيزيقا وردة الرمل»(‪ .)2000‬وستستم ّر هذه النزعات في‬

                                      ‫أعماله الشعر ّية التالية‪.‬‬

‫وقد يوحي هذا التنضيد بأ ّن الوهايبي يتو ّخى في كتابته الشعر ّية‬
‫خ ّطة هي أقرب إلى منطق الوضع والتأليف‪ .‬وإذا كان لهذا الانطباع‬
‫أن يثبت أمرا فهو أ ّن الشعر عنده وليد الرو ّية والمعرفة بقدر ما هو‬
‫وليد البديهة والموهبة‪ .‬ولذا يح ّبذ الوهايبي أن يكون الشاعر «عالما‬
‫باللغة متض ّلعا فيها‪ ،‬وأن يكون له من الفطنة ما يجعله ينفذ على‬
‫لطائفها»‪.‬ولذا أيضا كان انتقال الممارسة الشعر ّية عنده من مدار‬
‫إلى آخر حفرا في معجم مغاير وسبرا لأغوار اللغة واختبارا لقدرتها‬

                        ‫((( فهرست الحيوان‪ ،‬ديوان الوهايبي‪ ،‬ص‪396 .‬‬

 ‫‪37‬‬
   32   33   34   35   36   37   38   39   40   41   42