Page 33 - منصف-الوهايبي
P. 33

‫الوسم إلاّ ليبرز الأشواط التي قطعها في ا ّتجاه شعر ّية مغايرة‬
‫تستبدل واقع اللغة بسلطة الواقع‪ .‬فلا غرو أن تكون فاتحة الديوان‬

                    ‫أبياتا تم ّجد الشاعر المؤ َّيد بسلطان اللسان‪:‬‬

                                 ‫مل ٌك هذا الذي يفجؤكم‬

                                    ‫برياح اللغة المغتلم ْه‬

                 ‫باسمه يفتتح الموتى طقوس النار والعشب‬

                                         ‫وليل الأ َك َم ْه(((‬

‫وليس هذا المنحى الفنّي المحتفي باللغة بمعزل ع ّما طرأ على‬
‫الشعر ّية العرب ّية من تح ّولات في المرحلة التي تلت طور الريادة في‬
‫الشعر الح ّر‪ ،‬وهي المرحلة التي يع ّدها بعض الن ّقاد حداثة ثانية‪ .‬فمن‬
‫المعلوم أ ّن بدايات الشعر الح ّر اقترنت بنزعة واقع ّية تعيد الاعتبار‬
‫إلى مفهوم المحاكاة في الشعر بمعنى تمثيل «الواقع»‪ ،‬وبرؤية فنّ ّية‬
‫أفضت إلى إجراءات من التنثير الذي شمل اللغة والإيقاع‪ .‬ولكن‪،‬‬
‫وبتأثير من جماعة مج ّلة «شعر» اللبنان ّية ومن أدونيس على وجه‬
‫الخصوص‪ ،‬وقد أنجز الوهايبي رسالة جامع ّية عن شعره‪(((،‬أخذ‬
‫الموقف الفنّي الذي ينأى بالشعر عن استعادة «الواقع» ودعوى‬
‫الالتزام بالقضايا الاجتماع ّية ويعدل بلغته عن البساطة والوضوح‬
‫إلى التأ ّنق والغموض‪ ،‬يبسط نفوذه على الممارسة الإبداع ّية‬
‫والنظر ّية الشعر ّية على ح ّد سواء‪ .‬بهذا يكون الوهايبي قد اضطلع‪،‬‬
‫من موقعه‪ ،‬وبطريقته الخاصة‪،‬بدور ف ّعال في تعديل ساعة الشعر‬

                                                  ‫((( م‪ .‬ن‪ ،.‬ص‪15 .‬‬
‫((( هي أطروحة المرحلة الثالثة وعنوانها «الجسد المرئي ّ والجسد المتخ ّيل‬

                                           ‫في شعر أدونيس»‪.1987 ،‬‬

 ‫‪33‬‬
   28   29   30   31   32   33   34   35   36   37   38