Page 38 - منصف-الوهايبي
P. 38

‫على تسمية الأشياء‪ .‬والتسمية معضلة لم تزل تؤ ّرق الشاعر الباحث‬
‫عن «لغته الضائعة»‪ .‬ولع ّلها لغة من زمن قديم حيث كان ك ّل شيء‬
‫ينطق ويتس ّمى‪ ،‬لغة تزول فيها المسافة بين الاسم والمس ّمى ح ّتى‬
‫كأ ّنه يحاكيه‪،‬أو هي تنبع من الأشياء وترت ّد إليها‪ .‬أليست لغة الشعر‬

                                       ‫نقضا لاعتباط ّية اللغة‪:‬‬

                             ‫بأ ّي اسم كان علينا أن نناديك‬

                                           ‫أ ّيها البرتقالي‬

                                     ‫لولا شجرة البرتقال‬

                                          ‫أ ّيها البنفسجي‬

                                    ‫لولا زهرة البنفسج(((‬

‫إ ّن اللغة في شعر الوهايبي ليست زخرفا أو حذلقة وإن كان‬
‫لا يألوها تجويدا‪ ،‬وإ ّنما هي مسألة تتن ّزل في صلب علاقة الشاعر‬
‫بالكون‪ .‬فاجتراح لغة له يضاهي امتلاكه‪ ،‬وقد يف ّضل الوهايبي أن‬
‫نقول‪ :‬يضاهي أن تكون فيه مثل الماء في الماء‪ .‬والح ّق أ ّن شعره‪،‬‬
‫رغم ضمور النزوع الواقع ّي فيه‪ ،‬ليس منقطعا عن العالم وهو‬
‫«المأخوذ بالأشياء‪ ،‬بألوانها وظلالها وأضوائها»(((‪ ،‬ولا هو منقطع‬
‫عن التجربة الشخص ّية وهو الذي لم يزل ينهل من ذاكرة لا تني تل ّح‬
‫عليه‪ :‬رحلة «البدو ّي الصغير» إلى القيروان أو تمبكتو كما يح ّب‬
‫أن يس ّميها‪ ،‬أ ّول عهده بالجسد‪ ،‬صديقه «الأخيل» ومجالس الإنشاد‬
‫الصوف ّي‪،‬الأخت التي ماتت صغيرة‪ ،‬بستان الأب في مسكلياني‪،‬‬

       ‫((( منازل سان جرمان‪ ،‬مخطوط تمبكتو‪ ،‬ديوان الوهايبي‪ ،‬ص‪234 .‬‬
                                                ‫((( م‪ .‬ن‪ ،.‬ص‪382 .‬‬

                                                                             ‫‪38‬‬
   33   34   35   36   37   38   39   40   41   42   43