Page 40 - منصف-الوهايبي
P. 40

‫الفن ّي الذي رفض هذا الفهم للواقع ّية إلى إقصاء السرد من الشعر‪،‬‬
‫رغم دعوة أدونيس إلى ذلك‪ .‬ولك ّن أشكال حضور السرد ّي في‬
‫الشعر ووظائفه ستتغ ّير‪ .‬وسيندرج التسريد في بلاغة جديدة ت ّتخذ‬
‫من السرد ما ّدة لصناعة الصورة وإنتاج الشعر ّية‪ .‬وسيفضي هذا‬

                        ‫المنحى إلى ما أسميناه شعر ّية التخييل‪.‬‬

‫ونتب ّين أثر هذا الا ّتجاه في شعر الوهايبي ابتداء من مجموعته‬
‫الثانية «من البحر تأتي الجبال» ولاس ّيما في القسم الموسوم‬
‫ب»حديث الحيوان»‪ .‬وفي ديوانه «ميتافيزيقا وردة الرمل» باب‬
‫مماثل عنوانه «حيوانات المنصف الوهايبي»‪ .‬وذلك قبل أن يصدر‬
‫الشاعر ديوان «فهرست الحيوان»‪ .‬وقد استم ّر النزوع إلى تسريد‬
‫الشعر في أعماله التالية وفاض عن حكاية الحيوان بل ربا ولم يزل‬

                      ‫يم ّيز الطور الراهن من ممارسته الشعر ّية‪.‬‬

‫ويب ّين فحصنا لمد ّونة المنصف الوهايبي الشعر ّية أ ّن الحكاية في‬
‫شعره لا تعدو وظيفتين‪ .‬فإ ّما أن يكون الغرض منها التمثيل ونعني‬
‫به استدعاء الحكاية على أساس علاقة مشابهة صريحة أو ضمن ّية‬
‫بين العالم ا ّلذي تعرضه والعالم الذي يحيل عليه الشاعر مثلما‬
‫نعني به التشخيص أي اتخاذ الحكاية أسلوبا لإخراج معنى مج ّرد‬
‫أو لتصوير حالة أو تجربة((( وإ ّما أن تضطلع الحكاية بوظيفة رمز ّية‬
‫فيحيل معناها الظاهر على معنى آخر خف ّي يدركه المتل ّقي بتأويلها‬

                                             ‫تأويلا مجاز ّيا‪.‬‬

‫((( إ ّن هذين المعنيين مشت ّقان من الدلالة المعجم ّية لما ّدة (م‪.‬ث‪.‬ل‪ ).‬ففي‬
‫لسان العرب « م ّثل الشيء بالشيء‪:‬س ّواه وش ّبهه به‪ ،‬وم ّثل له الشيء‪ :‬ص ّوره ح ّتى‬

                                                       ‫كأ ّنه ينظر إليه»‬

                                                                             ‫‪40‬‬
   35   36   37   38   39   40   41   42   43   44   45