Page 42 - منصف-الوهايبي
P. 42
كنت أجري وأنبح..أجري وأنبح..
ح ّتى علا أفق من نباح الكلاب
فقلت اهتديت
و لكنني ما تب ّينت في الرمل
غير خطى وبقايا عظام!
إ ّن هذه الحكاية التي تخبر عن صب ّي ض ّل طريقه إلى البيت
فاستنبح الكلاب ح ّتى أجابته وحسب أ ّنه اهتدى وما اهتدى ،ليست
سوى مجاز عبر منه الوهايبي بواسطة المشابهة إلى حكاية الشاعر
الباحث عن لغة بكر:
من ثلاثين
أذرع ليل المدينة
أبحث بين الأز ّقة
عن لغتي الضائع ْه.
إ ّن الحكايتين تتجاوران في الن ّص بصورة تستدعي المقارنة
بينهما وهو ما يجعل علاقة المشابهة صريحة .غير أن العبور من
حكاية المستنبح الباحث عن موضع الناس إلى حكاية الشاعر
الباحث عن لغته الضائعة ما كان ليتسنّى دون تحوير الحكاية
الأولى تحويرا أفضي إلى تحويلها دلال ّيا .فالمستنبح مضطر في
سبيل النجاة إلى التخ ّلي عن اللغة البشر ّية وإلى تقليد نباح الكلاب
وكذلك الشعر لغة ثانية يأخذها الشاعر الصبي عن أسلافه الشعراء
وقد يحسب أ ّنه بذلك يدرك الغاية ولكن هيهات! :
42