Page 43 - منصف-الوهايبي
P. 43
وقلت اهتديت
و لكنّني ما تب ّينت في ال ّرمل
غير خطى وبقايا عظام
قدر الشاعر إذن أن يض ّل الطريق إلى «البيت» ا ّلذي ابتناه
الآخرون وملؤوه بمعانيهم ليبتني سكنه الحر ويبتدع بيته الخا ّص.
وح ّتى يتسنّى له ذلك سيظ ّل يعدو و«ينبح» في اتجاه نبع الخلق
والإبداع ح ّتى يرد مياهه البكر:
كنت أجري وأنبح..أجري وأنبح..
ح ّتى إذا طلع الفجر
كنت على حافة النبع أقعي
غير أ ّننا إذا استأنسنا بقراءة عبد الف ّتاح كيليطو التفكيك ّية لن ّص
الجاحظ المذكور آنفا انفتحت أبواب أخرى لتأويل الن ّص إذ
لا يمكن ألاّ نلاحظ التشابه العجيب بين قراءة كيليطو وقصيدة
الوهايبي .يقول كيليطو »:ها هو احتمال لا تتو ّقعونه :أن تكون
الكلاب التي تستجيب لنداء الساري كلابا كاذبة أي أناسا ضا ّلين
يستنبحون استرشادا ( )...ها إ ّن القرية بكاملها قد ظ ّلت ليلا
وأخذت تبحث عن الديار .هذا إن لم تكن القرية بكاملها قد خرجت
بحثا عن اللغة الضائعة التي لم يبق منها سوى صوت النباح ()...
بيد أ ّن الليل لا يدوم .ومع إشراقة الفجر تخلد جميع كلاب الدنيا
إلى الصمت .يبلغ المسافر نبع ماء فينحني للشرب ،وعند انحنائه
تتراءى له صورته على سطح الماء الطاهر البارد .(((»..والمقارنة لا
((( عبد الفتاح كيليطو ،الكتابة والتناسخ ،ترجمة عبد السلام بن عبد العالي،
43