Page 45 - منصف-الوهايبي
P. 45
المنام كأ ّن هاتفا يخبره أ ّن غناه بمصر فخرج إليها ولم يظفر فيها
بشيء وقبض عليه ال ّطائف وهو يه ّم بال ّتس ّول ،و ُضرب فق ّص قصته
وحدي َث المنام ،فوصفه الشرطي بالحمق وأخبره أنه هو أيضا رأى
في المنام أ ّن له كنزا ببغداد في منزل فلان وفي موضع كذا ،وذكر
منزل ال ّرجل وسدر ًة كانت ببستانه فلم يقل البغداد ّي شيئا وعاد إلى
بلده وقطع السدرة فوجد تحتها قمقما فيه ثلاثون ألف دينار.
لقد أدخل الوهايبي تحويرات عديدة على هذا الخبر أه ّمها تغيير
الإطار الجغرافي والمكاني للوقائع فإذا رحلة ال ّراوي الباحث عن
الكنز تنطلق من تمبكتو و«هي عند صاحب النص قناع القيروان»(((
إلى ترشيش وهو« اسم قديم كان يطلق على تونس» ليؤوب بعد ذلك
إلى تومبكتو وقد ظفر بالكنز في زاوية الجيلاني عند جذع النخلة.
إ ّن هذه التغييرات ع ّززت لامحالة الأبعاد الصوف ّية في الحكاية
ولكنها إلى ذلك ،وهذا هو الأه ّم ،وصلت المحتوى السرد ّي
بهاجس أو معنى أساس ّي في شعر الوهايبي يتم ّثل في المقابلة بين
تمبكتو أو القيروان «المدينة الأولى» ا ّلتي «تشبه الشاعر» ويتماهى
بها وترشيش أو تونس المدينة النقيض أو المدينة الل ّافظة .وإذا
ص ّح أ ّن لك ّل إنسان مكانا يع ّده مركز العالم((( فإ ّن القيروان هي هذا
المركز بالنسبة إلى الشاعر وهي عنده بمثابة س ّرة الأرض والأصل
ا ّلذي منه تح ّدر وإليه يعود وهي لك ّل ذلك ترمز إلى عالم الشاعر
((( مخطوط تومبكتو ،دار صامد للنشر والتوزيع ،صفاقس ،تونس ،ص99 .
((( انظر مادة مركز ( )CentreفيJean Chevalier et Alain Gheerbrant,Dic :
tionnaireDesSymboles,Ed.ROBERtLaffontetJUPITER,Paris 1982
45