Page 44 - منصف-الوهايبي
P. 44

‫تدع مجالا للش ّك في تأ ّثر الوهايبي في قصيدته بقراءة كيليطو لخبر‬
‫الجاحظ‪ .‬وإذا كان لهذا الأمر أن يثبت معنى فهو قدرة الوهايبي على‬
‫امتصاص جميع ما يقرأ‪ ،‬مهما بدا بعيدا عن الشعر‪ ،‬واستثماره في‬
‫القصيدة التي يكتبها‪ .‬وهذا ما يضفي على شعره طرافة يفتقر إليها‬
‫الكثير من الشعر الحديث‪ .‬وهذه القدرة على تحويل ك ّل مقروء‬

  ‫مهما كان جنسه إلى شعر من مفاتيح شعر ّية الوهايبي الأساس ّية‪.‬‬

‫إ ّن علاقة المشابهة بين عالم الحكاية المو ّظفة والعالم ا ّلذي‬
‫يحيل عليه الشاعر قد تكون ضمن ّية مثلما هو الشأن في قصيدة‬
‫«حلم في تمبكتو»(((‪ .‬يشير الوهايبي في هامش القصيدة إلى أ ّن‬
‫«هذا النص صياغة شعر ّية لحكاية أوردها التنّوخي في «الفرج‬
‫بعد الش ّدة»‪ .‬غير أ ّن القراءة المتأ ّنية تب ّين أ ّن هذا القول لا يخلو من‬
‫مخاتلة‪ .‬ذلك أ ّن الشاعر أدخل من التغييرات على مضمون الحكاية‬

                                 ‫الأصلية ما ح ّول من دلالتها‪.‬‬

‫لقد أورد التنوخي في»الفرج بعد الش ّدة» خبرا((( يع ّلل الغنى‬
‫المفاجئ ا ّلذي ظهر على رجل من بغداد‪ .‬ومختصر الخبر أ ّن هذا‬
‫البغداد ّي أتلف مالا جليلا ورثه وضاقت عليه الحيلة ح ّتى رأى في‬

                                  ‫دار التنوير‪ ،‬بيروتن ‪ ،1985‬ص‪119 .‬‬
                       ‫((( مخطوط تومبكتو‪ ،‬ديوان الوهايبي‪ ،‬ص‪217 .‬‬
‫((( أبو علي المح ّسن بن علي التنوخي‪ ،‬الفرج بعد الش ّدة‪،‬تحقيق ع ّبود‬
‫الشالجي‪ ،‬دار صادر‪،‬بيروت‪،1978،‬ج‪،2.‬ص‪.‬ص‪268.‬ـ‪ .269‬ويبدو‬
‫أ ّن هذه الحكاية قد لاقت صدى تجاوز حدود الأدب العربي إذ اقتبسها‬
‫الكاتب الأرجنتيني الشهير خ‪ .‬ل‪ .‬بورخيس‪ ،‬انظر «حكاية الحالمين» في‪:‬‬
‫المرايا والمتاهات‪،‬قصص‪،‬ترجمة إبراهيم الخطيب‪ ،‬دار توبقال‪ ،‬المغرب‪،‬‬
‫لا‪،1987‬ص‪.‬ص‪14.‬ـ‪ ،15‬مثلما أفاد منها الكاتب البرازيلي باولو كويلهو في‬

                                             ‫بناء روايته «الخيميائي»‪.‬‬

                                                                             ‫‪44‬‬
   39   40   41   42   43   44   45   46   47   48   49