Page 72 - منصف-الوهايبي
P. 72
عنوان» بورتو ذات شتاء» .مع العلم ان هذا الكتاب يحمل في
أعطافه من الممكنات الإيقاعية الكثيرة ما يمكن الاستفاضة فيه في
مقال آخرُ .أجر ٓي هذا المقطع الذي ورد في الصفحة الأخيرة من
الكتاب (ص ،)100على البحر المتدارك الخبب وهو بحر نفاه
الخليل لعدم تو ّفر النصوص العربية القديمة عليه .وألحقه الأخفش
ببحور الشعر « .فقد اقترب وتدارك من بحر المتقارب فالتحق به»
واعتبر من الدائرة العروضية ذاتها التي ينتمي إليها المتقارب« ،وكثر
خبن تفعيلته حتى اقترب لحنه كثيرا من لحن الخبب الإيقاعي
الراقص »..هذه التفعيلة القائمة على «ف ْعلن» تحدث جرسا إيقاعيا
هائلا وتوحي بتسارع الايقاع تثبته كثرة الحركات الطويلة حتى لا
نكاد نظفر بحركة قصيرة واحدة كي نتنفس ..كأنما قلب الشاعر
وصوته سينخلعان من فرط هذا التسارع .انغلاق ودوران عروضي
يقابله دوار يعتري الشاعر ويلحقنا به في هذه الدوامة .دائرة مغلقة،
لا يبدأ الفعل حتى ينتهي في نفس اللحظة .وهو ما يبرره انفتاح
النص على الاستفهام وانتهاؤه بالاستفهام القائم على حيرة الشاعر
وذهوله واندهاشه ،فهو لا يعلم في أي لحظة هو تحديدا ،لا يكاد
يمسك من لحظته تلك إلا إيقاع التيه والضياع .ستنتبه وأنت تقرأ
هذا النص إلى تكرار حروف الذلاقة كحرف النون (16مرة) وحرف
الراء (9مرات ) ،هذا الحرف المجهور يو ّلد إيقاعا صاخبا غاضبا،
صعودا ونزولا ،فالشاعر في حيرته الكبرى لا يظفر باجابة واضحة،
يطرح السؤال ويردفه بآخر ،لا يكاد «يصعد في عطر الفانيليا أو
يهبط في رائحة الفطر اللبني» هل يصعد أم يهبط؟
72