Page 68 - منصف-الوهايبي
P. 68

‫وتغيب‪ ،‬عين تنظر وتحملق لتمسك كل التفاصيل‪ ،‬سور حديقة‪،‬‬
‫طرقات تتقاطع وتتف ّرق ويمكن للمتأ ّمل أن يطلق عليها اسم‬
‫«الذاكرة» لما تحمله من ايحاءات تشير إلى ذلك‪« .‬أشياء السيدة التي‬
‫نسيت أن تكبر» عنوان ينفلت عن عادة العناوين القصيرة ليؤسس‬
‫بديلا فن ّيا جديدا انخرط فيه مجموعة من الشعراء والروائيين العرب‬
‫(عمارة لخوص مثلا في روايته «كيف ترضع من الذئبة دون أن‬
‫تع ّضك») ولنا أن نتساءل ماهي هذه الأشياء؟ هل هي ذاكرة هذه‬
‫السيدة (أفلام‪ ،‬لوحات‪ ،‬موسيقى‪ ،‬مدن‪ ،‬طرقات‪ ،‬مقاه‪ )...‬السيدة‬
‫التي نعثر على أشيائها في نصوص المجموعة تشبه كثيرا الشاعر‬
‫الذي نسي أن يكبر‪ .‬فهل سنراها في ظلال النصوص؟ أم أننا سنتعثر‬
‫بأشياء الشاعر وأمتعته وأدواته؟ أم أ ّنه «آدم»‪ ..‬؟ «أزهار ذكورته‬
‫تتدلى في غصن من طينته فيما أزهار أنوثته تتد ّلى في آخر منها‪ »..‬؟‬

         ‫هل يرتدي الشاعر قناع س ّيدة ليغرينا منذ العنوان بأ ّنه فتح‬

‫‪ )1‬حقيبة امرأة ودعانا إلى التج ّول في أعطافها وإلى اكتشاف‬
                                   ‫المفاجآت التي قد تربكنا؟‬

‫كون التفاصيل‪ ،‬سيرة الشاعر نصوص الكتاب تحتفي بالتفاصيل‬
‫الدقيقة ولا تهمل شيئا تدعوك إلى ولوج عالم الشاعر‪ ،‬فكأ ّنك تراه‬
‫رؤيا العين «صحف مك ّدسة ومذياع ومائدة وكرس ّي ودولاب‬
‫وسجاد ومرآة وألبوم لعائلتي التي كانت‪ ،‬ولم أفتحه إلا م ّرة (أ ّم‬
‫وطفلاها)وثمة لوحة فوق السرير كأ ّنها س ّر السنونو« شعر ّية عالية‬
‫تنبت من الاحتفال بالتفاصيل‪ ،‬كما تص ّر الكلمة في ح ّد ذاتها على‬
‫شعريتها بغ ّض النظر عن أنواع التشبيه والاستعارات والمجاز‪..‬‬
‫للكلمة وحدها الأثر الشعري الباقي‪ .‬وقد نجح الوهايبي في تطويع‬

                                                                             ‫‪68‬‬
   63   64   65   66   67   68   69   70   71   72   73