Page 98 - منصف-الوهايبي
P. 98

‫والنشر يقول‪ « :‬قليلون هم الذين يأخذون الشعر بالجدية والحذر‬
‫اللذين يأخذه بهما الشاعر التونسي منصف الوهايبي‪ .‬فلدى هذا‬
‫الشاعر من الاحترام للشعر والحرص عليه ما يجعله يتردد طويلا‬
‫قبل إصدار أي مجموعة جديدة‪ .‬وهو إن فعل ذلك فليس بقصد‬
‫مراكمة الإصدارات والزهو بتعدادها‪،‬كما يفعل الكثيرون‪،‬بل بقصد‬
‫إزاحة القصائد التي حملها طويلا عن ظهره بعد أن تكون قد أرهقته‬
‫مخاضا وكتابة ومراجعة حتى الإعياء‪ .‬لهذا يشعر قارئ الوهايبي‬
‫منذ مجموعته الأولى «ألواح» التي صدرت أوائل الثمانينيات من‬
‫القرن المنصرم وحتى مجموعته الأخيرة «كتاب العصا وقصائد من‬
‫فهرست الحيوان»‪ ،‬أ ّنه إزاء شاعر متش ّدد مع نفسه ومع الشعر‪،‬وأ ّن‬
‫ما يقرأه ليس وليد الموهبة وحدها بل وليد المعرفة والك ّد والانهمام‬

                                 ‫باللغة في آن واحد»( بزيع) ‪.‬‬

‫هذا الإعجاب يطالعنا في مقال الدكتور عبد العزيز المقالح‬
‫الشاعر اليمني الكبير وقد استه ّله بتمهيد ضبط فيه مجمل خصائص‬
‫ما س ّماه «الشعر الحقيقي» وهو عنده ليس «كلاما ولا لغة ولا‬
‫يمكن الإمساك به في شكل معنى أو صورة» ويع ّرف المقالح الشعر‬
‫الحقيقي بأ ّنه «ضرب من الإلهام الخاطف والمباغت يتجاوز الحرف‬
‫والكلمة والعبارة ليتح ّقق في ذاته وبذاته «والشعر عنده» ليس أداة‬
‫لغاية ما «ولذلك هو ليس لغة لأ ّن اللغة أداة لغاية ما‪،‬و هو في‬
‫تقديره» تعبير خالص‪،‬ولغة قائمة بذاتها‪،‬لغة داخل اللغة ‪.‬وهو شيء‬
‫لا يمكن الحديث عنه بعيدا عن الدهشة والخيال كالغيوم والأنهار‬
‫والغابات‪،‬كقوس قزح‪،‬كالقرى المع ّلقة في سفوح الجبال لحظة‬
‫الشروق أو في لحظة الغروب» ‪.‬إ ّنه تعريف شعري للشعر تعريف‬
‫لا يستعمل لغة مفهوم ّية نقدية دقيقة بل يتوسل بلغة شعر ّية تق ّرب‬

                                                                             ‫‪98‬‬
   93   94   95   96   97   98   99   100   101   102   103